مي احمد قرشي : مخلوقٌ قطبيٌ

مي احمد قرشي : مخلوقٌ قطبيٌ

مي احمد قرشي : مخلوقٌ قطبيٌ

شبكة كنان الاعلامية   مخلوقٌ قطبيٌ
................
كلما جاء إليَّ محصناً نفسه ... مدثراً رأسه وأنفه وفمه بطاقية المِعطف ... يبادرني بقوله :
" شوفي " تيتا " ... أنا داير بالي مزبوط من البرد " .

أضحك ... وأضمه إليّ قبل أن نبدأ ساعة الجدِّ والتدريس ... لكنه في لحظاتٍ بسيطةٍ ... ينقلني إلى ما فات من أيامٍ لا زال لها وقعها العذب على النفس .

كما البارحة ... كانت أمه وخالتاه وخاله قد تعودوا على تحصين أنفسهم ضدّ البرد أيضاً... وكان " الجاكيت " ذو الطاقية الغنية بالتبطين ... والخيط الغليظ المار عبر الكُمَّين منتهياً " بكفين " صغيرتين ضرورتان لا بد منهما.

كم كان قلبي يرق ويرق وأنا أرى واحدهم في ذلك العُمُر ... وهو يعلق الحقيبة المدرسية عَلى كتِفيه لتصل إلى نهاية ظهره ... على أنّ " الجاكيت بالطاقية " ظل له وقع خاص جداً على ما أملك من مساحةٍ للعاطفةٍ ... وأنا أرى واحدهم في ذلك العمر يهرع إلى " الباص " ليبدو وكأنه مخلوق قطبي صغير جميل .

من أجلهم عشقت مقدمة برنامج الأطفال " إفتح يا سمسم " آنذاك ... ومن أجلهم عشقت كل ما جعلهم أحلى وأجمل ...
فكيف لا يكون ذات العشق لامتدادٍ أراه أينع وبات جاهزاً ليكون مخلوقاً قطبيا صغيراً يحمل حقيبته على ظهره ... ويأتي إليّ محصناً نفسه ضد البرد ... ليقرأ ويحل الحساب ويكتب .
ميّ

شارك الموضوع

مواضيع ذات صلة